الأزياج الفلكية في عهد المسلمين

يحددها ابن خلدون بالقول: «هي قوانين لحساب حركات الكواكب وتعديلها للوقوف على مواضعها». ثم يضيف إنها: «صناعة حسابية على قوانين فيما يخص كل كوكب من طريق حركته، وما أدى إليه برهان الهيئة في وصفه من سرعة وبطء واستقامة ورجوع وغير ذلك... وتوضع في جداول تسهيلاً على المتعلمين». ولكل عالم وراصد وناقل إلى العربية زيج يعرف باسمه أو باسم من أهدي إليه.أما في اصطلاح علماء الهيئة فهو الكتاب المتضمن لحسابات الفلك وجداوله وبه يستدل على حركات الكواكب، وعلى أساسه ترصد حركات الأفلاك وأجرام السماء، ومنه تؤخذ التقاديم، من هنا أطلق عليه علماء الفلك الأوروبيون اسم «الجداول الفلكية». وبصورة أوضح، إن الزيج هو كل جدول يستدل به على حركة السيارات لأجل تقويم مواقعها من الفلك، وتحديد مدة دورانها وارتفاعها وهبوطها وطلوعها واستقامتها، ومنه تعرف مواقع الكواكب بحساب سهل لأي وقت مفروض. هذا فيما يخص الزيج العادي البسيط، أما الزيج الكامل فهو الذي يحوي مقدار الإصلاح اللازم لكي يطبق على موقع سيار معلوم في أي وقت كان، وهذا الإصلاح يستلزمه اختلاف سرعة حركة الكوكب السيّار في مواقع مختلفة من فلكه الناتج عن قربه للشمس وبعده عنها، وفعل السيارات بعضها ببعض وأنواع تلك الإصلاحات تسمى معادلات، إذ أنه بعدما يقوّم موقع الكوكب على افتراض حركته حركة متساوية، بعد أن يسمى موقعه الأوسط، يصلح ذلك التقويم بواسطة المعادلات المشار إليها بمعرفة موقع الكوكب الحقيقي. إن جداول الموقع الوسطية لوقت مفروض مع جداول المعادلات اللازمة لإصلاح تلك المواقع، هي ما ينطبق عليه اسم «الزيج الكامل». وهنا تجدر الإشارة إلى أن أقدم الأزياج المعروفة هو زيج بطليموس الذي دوّنه في كتابه «المجسطي».أما أهم الأزياج العربية فهي:ـ زيج الفزاري حوّل فيه السنين إلى هلالية عربية.ـ زيج الخوارزمي وهو مختصر لكتاب السندهند. خالف فيه الخوارزمي مذهب الهند وعدله على مذهب الفرس، وذهب في ميل الشمس مذهب بطليموس.ـ زيج سند بن علي (850 م) وضعه في عهد المأمون أثناء رصده في مرصد الشماسية ببغداد.ـ أزياج أبناء موسى بن شاكر ولهم الزيج المصحح.ـ زيج نصير الدين الطوسي وقد وضعه بالفارسية في أربع مقالات: الأولى في التاريخ، والثانية في سير الكواكب ومواضعها، والثالثة في أوقات المطالع، والرابعة في أحكام النجوم. وهناك الزيج الصابىء للبتاني وهو من أصح الزيجات وأتمها إلى حد بعيد.